الدولة الحديثة
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
لم يكن الاول ولن يكون الاخير ..فالنظم الشمولية لها سمات متماثلة خاصة مع غياب المجتمع المدني وغياب لوازم الدولة من الدستور والقانون او تغييب فاعليتها ان وجدت .. هنا يكون الحاكم الفرد هو الصانع للقرارات عبر اوامر ادارية مباشرة وغير مباشرة ..ويستغل الافراد العاديون وظائفهم المتعددة امنيا وعسكريا واقتصاديا وغير ذلك لممارسات عنف ضد الاخرين افراد وجماعات ..لان مراقبة النظام ومحاسبته غائبة نظرا لغياب المؤسسات التمثيلية للشعب وغياب الاطر النقابية والمدنية والحزبية التي تتشكل معها معارضة مسؤولة ..
ولهذ فهذه الدول لاتزال بعيدة عن الحداثة السياسية ومظاهرها وفلسفتها حتى لو كان فيها احدث التكنولوجيا واطول الابراج واحدث موديلات السيارات والموبايل … الدولة الحديثة تقوم على قاعدة الوطن والمواطن وتتسع معها فضاءات حقوق الانسان وحرياته .. والمواطن هو الركن الرئيسي في الدولة والمجتمع وليس الحاكم اكان رئيسا او ملكا او سلطانا …
ما يحدث في منطقتنا العربية من انتهاكات للمواطنين فظيع وتتكشف مظاهره تباعا ..وهو يعكس غياب الدولة الوطنية الحديثة بمؤسساتها المدنية ..لان ما هو سائد غير مكتمل في نمو تشكلاته البنيوية وتم استملاكها من موظفي الدولة العميقة والجماعات الشمولية التي تعمل معها في اطار صفقات بيزنس سياسي واقتصادي ..العنف الذي ساد في دول الربيع غير مبرر بدأ من قتل المتظاهرين وصولا الى حروب اهلية في الداخل وعدوان من الخارج ..وللعلم الحضور الاعلامي هو من جعل قضية خاشقجي عالمية في حين تمت مثل هذه الحادثة مرات متعدةة ومتكررة في اكثر من بلد من ستينات القرن الماضي وحتى التسعينات منه ولم تختفي مع الالفية الجديدة …والسؤااال لماذا العنف في دول ومجتمعات تقول ان القرأن دستورها وان لديها قوانين محلية ومصادقة علي اتفاقيات دولية تمنع انتهاك حقوق الانسان …
كل هذا يتطلب دولة مدنية تعمل مؤسساتها بالدستور والقانون وحضور شعبي من خلال مجتمع مدني فاعل ..وان لا تضاف للرئيس او الملك اي صفات العظمة او التبجيل فهو شخص عادي يؤدي وظيفة كبيرة في خدمة وطنه وشعبه ..هذا لن يتحقق بين يوم وليلة بل سيأخذ وقتا ..والرهان في تطور العرب رهن حضور ارادة سياسية ووطنية و هو رهان على مسار الزمن حاضرا ومستقبلا ..؟
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416